مرت بهم وهم يسقفون المسجد فاشتاقت لمشاركتهم ولكنها ضعيفة الحال قليلة المال. ففكرت أن تصنع زنبيلا يستعملونه في بناء المسجد. هذا كل الذي تقدر عليه. فصنعته ثم جاءت به للأستاذ (لقب لرئيس العمال) فأبى أن يأخذه لأن صاحب المسجد اشترط عليه أن لا يدخل في المسجد شيئا من غير ماله ويريده خالصا له.
قالت بكل تودد: هذا زنبيل تحملون به الطين تنتفعون به ولا يدخل في المسجد .فرحمها وأخذه منها. عندما فتح المسجد رأى باني المسجد في منامه أن له قصرا جميلا في بستان لم ير مثله في الدنيا، ورأى آخر بجواره يشبهه لكنه ليس له .فعلم أن أحدا شاركه في بناء المسجد وأنه أعطي مثل أجره. فسأل رئيس العمال: هل تلقيت من أحد شيئا؟ فحلف أنه لم يدخل في بناء المسجد أحدا. ثم استدرك فقال : إلا ما كان من أم فلان فإنها جاءت بزنبيل وقص عليه الخبر.
فذهب المحسن إلى المرأة وقال لها: سمعت بأنك شاركت بزنبيل في المسجد وأريد أن أعطيك ثمنه. فأبت أن تقبل. فألح عليها. فقالت له : اسمع يافلان : إن كنت رأيت شيئا في منامك فإني رأيت مثله. ووالله لا أبيع نصيبي ولا أرضى بالدنيا عوضا عنه، فلا تتعب نفسك.