فَهُوَ يُخلِفُهُ

 

خالد من طلابي، كنا نلتقي في مقر النشاط في كلية المعلمين بالرياض وكانت ذكرياته مع أصحابه في النشاط ذكريات لا تنسى، جلسات ! ودروس ! وحلقات ! ورحلات ! تخرج وافترقنا ولم ألتقه إلا قريباً، سألته عن أخباره وأحواله فبشرني بخير، سألته عن التدريس، أخبرني أنه درس ثماني سنين بعد تخرجه ثم استقال واتجه إلى الأعمال الحرة وبشرني بأن الله رزقه وفتح عليه، ثم أخبرني أن أعظم أسباب كثرة الرزق لديه: الصدقة وبذل المال في وجوه الخير بسخاء نفس وحسن ظن بالله وأنه رأى من آثارها وبركتها وسرعة الخلف فيها ما جعله عظيم الثقة بربه مبسوط اليد في الخير لا يندم على مال ذهب في جهة خير ولو كثر .

قلت له : حدثني بشيء مما رأيت

قال : ” القصص كثيرة فَخُذْ هذه :

“تسلمت مكافأتي من الكلية ومقدارها 1000 ريال وملأت سيارتي بالوقود تعبيراً عن الغنى الذي أرفُل فيه ذلك اليوم ثم توجهت لحضور محاضرة في أحد الأندية عن أحوال المسلمين المنكوبين، قبل أزمة منع جمع التبرعات، كان المحاضر متأثراً وكان كلامه مؤثراً، وعظنا موعظة بليغة ذرفت منها العيون وتحركت لأجلها القلوب.”
قال صاحبي: ” “وبلغ بي التأثر أن أخرجت جميع ما في جيبي مُؤثراً إخواني، وكان ألفاً من الريالات إلا قليلاً.
ركبت سيارتي وكنت أنوي التوجه لأصحابي الذين تواعدوا على الاجتماع للعشاء في الخلاء لكن منعني من ذلك أن ليس في جيبي شيء حتى أشارك في العشاء وتكاليف الرحلة، لذا قررت أن أيمم شطر بيتي.

عندما أوقفت السيارة قِبالة دارنا خرج جارنا وهو يسأل عن اثنين من أولاده يقول لي : هل رأيتهما ؟

قلت له : لم أرهما ولكن أنا مكانهما فأخبرني بحاجتك أقضِها لك.

قال : حسناً، اذهب بي إلى مكتب العقار، ذهبنا سوياً، نزل وطلب مصاحبته .

جلس إلى صاحب المكتب فتبايعا وعقدا صفقتهما وكنت لا أعيرهما اهتماماً ؛ لأني حضرت لأجل جارنا لا غير.

سمعت الجار يقول: وهذا شريك في سعي العقار ولا بد من إعطائه نصيبه.

يقول صاحبي : اعترضت قائلاً : يا عم؛ إنما جئت لأجلك لا لشيء آخر .

فقال الشيخ: إذا وافقك الرزق فوافقه. وألح عليّ بالقبول فوافقت، فوضعوا بيدي شيكاً قيمته عشرة آلاف ريال !

(تصوروا الرقم ، إنه عشرة أضعاف المبلغ الذي أخرجه قبل ساعة أو أقل )

عندما أصبحت فكرت أن أشتري بالمبلغ شيئين الأول عود هندي من النوع الفاخر والثاني مشلح رجالي ونويت أن أعطي والدي – رحمه الله – المشلح ونصف الكمية من العود وأعطي جارنا جزاء ما صنع النصف الباقي من العود الفاخر.

وقد فعلت ذلك بحمد الله وانتهى المبلغ بتمامه .

أما الجار فشكرني ، وأما الوالد فسألني ما قصة هذه الهدية ؟ ومن أين لك المال؟

فأخبرته، ففرح ودعا لي .

في نهاية الأسبوع قال لي والدي: ابحث لي عن محطة وقود لأشتريها،فطفت على المكاتب العقارية فأحضرت له أربعة عروض مع كل عرض سعره وميزاته فوقع اختياره على أحدها وطلب مني مقابلة صاحب مكتب العقار للتفاوض، وبالفعل، اجتمعا وتفاوضا ثم تبايعا، وعندها قال والدي _ دون علمي _ لصاحب المكتب : ابني هذا شريك لك في السعي فأعطه سعايته، فبلغ نصيبي مائة ألف وكتبوا شيكا بذلك وسلموه لي .

مثل هذا المبلغ لا أحلم به ، ولم يجتمع في جيبي قبلها إلا بضع مئات .

تذكروا يا أحبة : ألف ، صارت عشرة آلاف, وفي نهاية الأسبوع أصبحت مائة ألف. وما عند الله خير وأبقى .

 

وَمَا أَنفَقْتُم مِّن شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ ۖ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ } سبأ 29

 

حملني خالد أن أنقل قصته إليكم لعلكم تنتفعون بها ، فيكسب أجرها وينال ثواب الاقتداء .

 

أضف تعليقًا